تحديات الصحوة الإسلامية و دور العلماء التوجيهي في الخروج منها

مقالات

2021/01/11

title

بسم الله الرحمن الرحيم

·      عنوان المقالة  :

 تحديات الصحوة الإسلامية و دور العلماء التوجيهي في الخروج منها.

·      الكاتب :

الدكتور الشيخ نبيل طالب الحلباوي من مقام السيدة رقية عليها السلام  وجامعتها في سورية.

·      نص المقالة :

المصطلحات :

·   الصحوة :الخروج من السبات ووعي الذات والإفادة من الإمكانات واستئناف مسيرة التكامل وممارسة الدور الحضاري.

·   الإسلامية : النهل من معين الإسلام في الاستمداد من المصادر وتبني المنهج واستلهام النموذج.

·   التحديات : أصناف العقبات وألوان الصعوبات التي تحيط بالصحوة وتصادر حركتها وتحرفها عن صراطها المستقيم .

·      الدور : مساحة الاستجابة في مقابل التحديات ومستوى الفعل ومدى التأثير.

·      العلماء : الفقهاء و المفكرون و قادة الرأي.

·      التوجيه :  استخدام الوسائل الممكنة في ترشيد الصحوة وحفظها من الآفات.

·   الخروج من التحديات : الإرشاد إلى مخارج النجاة بأقل قدر من التضحيات وصولاً إلى أينع الثمرات.

 

مقدمة عن الصحوة  الإسلامية :

·     قد يختلف المحلّلون الموضوعيون في أن ّ ما يحدث منذ عدّة سنوات في منطقتنا ابتداء من حادثة العزيزي في (سيدي أبو زيد بتونس الخضراء ) صحوة أم هي عودة إلى سبات طويل أم هي مركّب منهما ، وأنها إسلامية أم وطنية أم قومية أم  خليط من عناصر بعضها إسلامي وبعضها أو أغلبها وطني أو قومي أو غير ذلك ، ومدى أصالة العنصر الإسلامي في  انبثاقها وحركتها ودور العوامل الداخلية أم الخارجية فيها انطلاقاً وتأثيراً .

·   ولكنهم لن  يختلفوا على أنّ  ما نسمّيه نحن الصحوة الإسلامية الحالية ؛ هو من الأحداث البارزة ذات التأثير الخطير في أهميته الممتدّ زماناً في تأثيره إلى عقود و عقود ، المنداح في دائرته ليشمل أوسع مدى من الأمة بمختلف شرائحها  و المنطقة الإسلامية على تنوع أقطارها ؛ بما يشكّل حاضر الأمة على الصعيد الفكري والسياسي والاجتماعي و الاقتصادي و مستقبلها القريب و ربما البعيد إيجاباً أو سلباً ، وبما يمسّ الدور الحضاري للأمة كلّها و حضورها في الساحة العالميّة.

·   وإذا عدنا إلى المصطلحات التي صُدّرت بها هذه المقالة؛ فإننا نجد أكثر من دافع و شافع لاعتبار هذا الذي حدث صحوة إسلامية مضيفين إليه أنه فاجأ القوى العالمية و الحكّام الذين أطاح بهم  وأذهل الجميع .

·   وإذا ضربنا صفحاً عن ذلك و حتى عن بعض القوى التي تنسب نفسها إلى الإسلام؛ و ربما رتّبت أمرها على عجل للحاق بالصحوة و ركوب موجتها بعد أن سارعت إلى التوافق مع القوى المهيمنة على العالم _ كما قيل _ و قوى ترفع شعار العنف للتغيير باسم الإسلام وما برحت منذ زمن طويل تُعدّ و تستعدّ في الجهر و الخفاء  ،و توسّع شعاع تأثيرها لتقتنص اللحظة المناسبة منطلقة من مشروع كبير لها ربما  انطلق أو تقاطع أو تأثرّ أو استُخدم من قبل القوى الاستكبارية على الرغم من اصطدامه معها حيناً .

·    أجل لو أعرضنا عن ذلك كلّه  و أنه لم يكن ليتمّ و يتحقّق لولا أنّه يستفيد من توق الجماهير المخلص إلى صحوة إسلاميّة ، واستقرأنا  مدى الدور و مستوى المشاركة و حجم التضحيات، و كذلك نبض الجماهير في هذه الأحداث وصبغة مشاعرها و بواعث مشاركتها ، و تأثّرها بالثورة الإسلامية في إيران بمستوى أو بآخر وحنينها إلى إسلامها المغيّب و المهمّش لوجدنا أن هذه صحوة وأنها من ثمّ صحوة إسلامية ، و لعلّ أبحاثاً أخرى ستدلّل على ما سبق  بحشد أوسع من الأدلة ، و لكن ّ ما في تضاعيف هذه المقالة من البدء والمراحل و طبيعة التحديات و دور العلماء في الخروج منها ما يؤيّد و يؤكّد بعدي الموصوف والصفة في الصحوة الإسلامية.

·   ولقد بُدئت الصحوة الإسلامية المعاصرة في النصف الثاني من القرن الماضي بدور طليعي للعلماء .

·      وتعاقبت عليها ثلاث مراحل :

(1)            مرحلة البدء:

 بمساهمة من علماء أفذاذ كالسيد جمال الدين ( قده ) الذي افتتح مشروعاً لإيقاظ الأمة بعد نوم وإنهاضها بعد تخلّف وتحريرها من نير الاستبداد وإخراجها من ظلمة الجهل وإشعال شرارة تفاعلها مع إسلامها من جديد ، ولكنه انطلق من قادة لها في الدنيا يدعوهم إلى أسلوب جديد في التعامل مع الأمة فلم يحظ لديهم إلا بألوان من لجم حيويته  و امتصاص اندفاعته والتآمر على حياته  ، ويمّم شطر علماء الدين فلم يستجب له الإ نزر أيسر من اليسير كالميرزا الشيرازي الكبير في رائعة تحريم التنباك في إيران ، و اختار أن يصوغ قادة للدين و الفكر في الأمة فكان من تلامذته و المتأثرين به  الشيخ محمد عبده من مصر و محمد رشيد رضا من لبنان و عبد الرحمن الكواكبي من سورية و الميرزا النائيني في إيران  و كثيرين سواهم على تفاوت في آفاقهم و قدراتهم ، و أغلبهم ممن صارع الاستبداد أو انتهى إلى مقارعة الاستعمار ، و لكنّ تلك المرحلة شهدت في امتدادها الزمني قامات إسلامية  قادت الثورة ضد المستعمرين من الإنكليز و الفرنسيين و الإيطاليين و الروس ؛ كعمر المختار في ليبية و عبد القادر في الجزائر و عبد الكريم الخطابي في المغرب وعز الدين القسام القادم من سورية إلى فلسطين والميرزا كوجك خان في إيران  و قادة ثورة العشرين في العراق من العلماء الأجلاء و مفكرين إسلاميين  يمهدون لليقظة الشاملة للأمة كمحمد إقبال ثم أبي الأعلى المودودي في باكستان  و عبد الحميد بن باديس في الجزائر و قادة حركات إسلامية كالشيخ حسن البنا في مصر و سواهم .

(2)             مرحلة الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني ( قده ) :

 ولكن ّ الزلزال الذي قلب المعادلات الدولية وأربك القوى الكبرى ؛ إنما كان الثورة الإسلامية في إيران التي تراكمت لإنضاجها جهود موكب من العلماء الأفذاذ في إيران- وقفوا كالسدّ المنيع في وجه المستبد ّ الشاهنشاهي البهلوي أباً و ابناً نصّبهما الاستعمار القديم فالجديد-  من أمثال السيد مدرّس و خياباني و أندرزكو  و قادها قيادةً استثنائية متميزة الإمامُ الخميني  رضي الله عنه و أرضاه و ركب من العلماء قلّ نظيرهم  استشهد بعضهم  كمطهّري و بهشتي ، ولا زال بعضهم الآخر يتابع المسيرة التي آلت إلى خلفه الصالح الإمام الخامنئي حفظه الله تعالى و أيّده ونصره.  

(3)             المرحلة الحالية :

 وقد انطلقت بعد ثلاثين سنة أو أكثر من انتصار الثورة الإسلامية في إيران التي كان يمكن أن تكون مفتتحاً لثورات على غرارها و منهجها و أهدافها و استقامتها ، و لكن ّ الاستكبار العالميّ  و ربيبته  و مربّيته الصهيونية و النظم العميلة له في بلاد المسلمين و قافلة من وعاظ السلاطين و المفكرين الذيليين ؛ لم تلبث بعد ذهولها و اضطرابها بالحدث الثوري الإسلامي الكبير و إشفاقها مما سمّته تصدير تلك الثورة أن استردّت أنفاسها و استنفرت طاقاتها و أطلقت مؤامراتها ، فاغتالت أبرز شخصيات تلك الثورة المباركة و لاسيما علمائها و مفكريها و عناصرها الفاعلة ، ثمّ اصطنعوا عدوّاً للدول الإسلاميّة هو إيران الإسلامية  بتحريك النعرات القومية و المذهبية ، وهوّشوا عليها النظام العراقي في حرب دعمها العالم ثماني سنوات ، و نجحوا  في  تحويل البوصلة عن العدو الحقيقي للأمة و هو الكيان الصهيوني في فلسطين و حماته ، ولم يغفروا لإيران الإسلامية و الفرع الطيب لثورتها حزب الله المظفّر و لا للحلف الاستراتيجي الذي أقامته مع سورية والمقاومة في فلسطين أن يحرّر الأرض سنة 2000  ، وأن يمرّغ جبين العدو في الرّغام في المنازلة الكبرى سنة 2006 وأن يحقّق الانتصار سنة 2008 في مواجهة العدوان على غزة هاشم.

ولكنّ حنين الأمة إلى إسلامها و ضيقها بما فُرض عليها من أنظمة عميلة مستبدّة و تأثّرها بتلك الانتصارات السالفة الذكر  ؛ لم تزل تتفاعل في صدورها وتحفزها إلى أن تعاود الكرة بعد الكرّة من انتفاضتها وأن تُطلق صحوتها الإسلامية من عقالها فكان أن قامت الثورات في تونس وليبيا ومصر والبحرين واليمن .    

أولاً- التحديات للصحوة الإسلامية :

·   لا جدال في أن ّ هذه الصحوة الإسلامية الحاليّة تواجه كما مرّ في المصطلحات أصنافاً من العقبات وألواناً من الصعوبات التي تحيط بها وترمي إلى أن تُصادر حركتها وتحرفها عن صراطها المستقيم الممتدّ من دوافعها إلى أهدافها

1.    ولا بدّ في البدء من تحليل طبيعة  هذه التحديات

1.1.    فهي معقدة تتشابك فيها عوامل فكرية وسياسية واجتماعية واقتصادية  .. وهي مركبة من أبعاد داخلية وأبعاد خارجية.

1.2.         وسنكتفي بتحليل تركيبتها فالقسمان الرئيسان لها هما :

(1)             التحديات الداخلية :

ومنطلقها ألوان من القصور والتقصير تغلّ طاقات الصحوة وتُضعف قدرتها على تحقيق الأهداف المنشودة؛ وتفتح الطريق أمام أعداء الأمة المتربصين بها للنفوذ إليها واستغلالها وحرفها وتفريغها من عوامل قوتها  كالتعصب والعنف والصراع المذهبي وتحجيم الصراع ليكون ضد الاستبداد فحسب  والتقوقع على المشكلات الداخلية ورفض الآخر الثوري غير الإسلامي والتعجل والغرور وافتقاد الرؤية الشاملة والقيادة القادرة .

(2)             التحديات الخارجية :

 ومنبعها العالم المستكبر _ ومعه حليفه الصهيوني _ بكل إمكاناته ووسائله وتقنياته ومراكز الدراسة والتأثير فيه وأجهزة مخابراته ومؤسساته وإداراته  ؛ وكل الخاضعين لإرادته والسائرين في ركبه من الأنظمة في الدول العربية والإسلامية المسخّرين لنفطهم وأموالهم و فسادهم للتنافس في خدمته  ، وهي تحديات  كالامتطاء والإغراء و الإملاء و الإغواء و تغذية عناصر التمزيق و التفريق بين صفوف الجماهير والقيادات الثورية لم تكن لتفعل فعلها و تنتج آثارها المشؤومة لولا ما توفّره تلك الأنظمة من قابليات وسنرجئ الحديث ببعض التفصيل عنها إلى ما يأتي من هذه المقالة بمناسبة الحديث عن دور العلماء التوجيهي في الخروج من هذه التحديات الداخلية منها و الخارجية الواحدة تلو الأخرى .

 

1.3.         أهميتها و مدى خطرها :

والتحديات ذات تأثير بنيوي يمكن أن يمسّ أسس الصحوة و يحوّلها إلى النقيض من أهدافها ؛ بحيث يصدق إلى حدٍ ما أنّ ما سمّي الربيع العربي يكاد أن ينقلب خريفاً نتيجة لسيطرة تلك التحديات .

  

ثانياً - دور العلماء التوجيهي في الخروج منها :

1.2. موقع العلماء في الصحوة الإسلامية :

وهوموقع القطب من الرحى لأن العلماء هم من الطليعة التي أهاب بها الله تعالى في قرآنه المجيد أن تكون أمة في الأمة ترود الدرب و تتقدم المسيرة  {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104

ولا ريب في أن ّ الطليعة ما لم تكن قدوة في الفهم و الوعي و الحذر من شراك المتآمرين على الصحوة والإسلام؛  فإنها ستورد كلّ من يتاثّر بها _ وما أكثرهم _ بين جماهير الأمة موارد الهلكة في الدنيا و الآخرة.

2.2.  ركائز دور العلماء :

       ولابدّ لدور العلماء من ركائز تتحقق في أصحاب الدور بمستويات رفيعة و من أبرزها :

(1)      علم يستحق به صاحبه أن يُدعى عالماً و يمنع من أن ينخرط في سلك العلماء مدّعو العلم و أنصاف المتعلمين ، و ينطبق هذا المعيار على المفكرين فكراً و قادة الرأي رأياً و المثقفين الإسلاميين ثقافة ً

(2)             إيمان يملأ شغاف قلب العالم و المفكر وقائد الرأي و المثقّف  و يتألق من جوانحه في جوارحه و يسري في أقواله و أفعاله و مواقفه،  ويفوح منه ليعمر قلوب من حوله و من يتأثرون به و يتّبعونه  

(3)      تقوى تردع العالم عن ارتكاب وسيلة لا ترقى إلى مستوى الغاية و اقتراف شيء من المحظورات شرعاً على الصعيد السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي  ، وتدفعه  إلى القيام بالواجب على مختلف الأصعدة بل تجاوز ذلك إلى مرتبة الإحسان .

(4)      عقل يحجزه من أن يُفرط أ و يفرّط  لأن ذين هما علامة الجاهل بحسب قول الإمام عليّ عليه السلام :

( لا ترى الجاهل إلا مفرطاً أو مفرّطاً ) - نهج البلاغة ح 70 مركز الإشعاع الإسلامي - و قد يقول قائل ولكنّ ذاك ليس بعالم ، فنحيله إلى قول آخر للإمام وهو :  ( كم من عالم قد قتله جهله و علمه معه لا ينفعه ) – المصدر السابق ح 108 - و نفهم من الجمع بين القولين أنّ الجهل: جهلان جهل في مقابل العلم و جهل في مقابل العقل والثاني أخطرهما ، ولكّنه أخطر ما يكون حين يكون في العالم.

(5)      وعي : ينفذ من  الظواهر إلى ما خلفها من البواطن و من الشعارات إلى ما تخبئه من الأغراض ، ومن الجزئيات إلى ما ينتظمها من الكلّيّات ومن النظر إلى الساحة الصغرى إلى الإشراف على الساحة الكبرى  والفطنة والحذر من المكائد والمزالق التي تُدبّرها القوى المستكبرة  وأذيالها في هذا العالم.

ولعل ّ خلاصة تلك الركائز ما ترسمه الآية القرآنية الكريمة  {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً }الأحزاب39

3.2. أبعاد دور العلماء في الصحوة :

      وهي أبعاد تشمل دائرة واسعة من محاورها :

(1)      الحضانة : فالعلماء من بين كلّ الطليعة المندوبة لدور محوري في حركة الصحوة الإسلامية هم من يُناط بهم مسؤوليّة حضانة ذلك الطفل الوليد ؛ ليجتاز المرحلة الأولى من طفولته بكل ما يكتنفها من مخاطر و ليستدّ عوده و تشتد ّ قواه و تنضج طاقاته و ينمو وعيه

(2)      والتحصين : و حين تُحدق القوى الخارجية المتربّصة بالصحوة و تبدأ محاولاتها للنفوذ إليها و الهيمنة عليها  ؛ فإنّ العلماء هم من ينبغي لهم و يتوجّب عليهم أن يُبادروا إلى تحصين الصحوة لأنهم بحسب الحديث النبوي ( الفقهاء حصون الإسلام ).

(3)      و الترشيد  : وحين تشتبك الأمور وتختلط الرؤى وتشتبه السبل فلا يُعوّل إلا على العلماء في تسديد البوصلة و ترشيد المسيرة و إنارة السبيل عملاً بالآية الكريمة :

{قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين}يوسف108

4.2. معالم  دور العلماء التوجيهي في الخروج من التحديات:

وهو دور لا يستغنى عنه و لا بديل له ولا عديل  : ونستعرض فيما يأتي قائمة مفهرسة ببعض أهم ّ التحديات على الصعيدين الداخلي للصحوة والخارجي ،  والدور المنشود من العلماء في مقابل كل ٍّ منها ، معرضين عن التفصيل والتحليل والتعليل في محضر علماء أجلاء ومفكرين مرموقين و قادة للرأي  ومثقفين بارعين  تُغنيهم الإشارة عن العبارة بل يُغنون ما يُقال بأوسع منه وأجمل من فنون المقال وطيب الفعال:

أ ) التحديات الداخلية :

   التحدي                              التوجيه

(1)التعصب                        (1)الانفتاح

(2)العنف                          (2) الرحمة و التسامح

(3) الانغماس في الصراع المذهبي  (3) الاعتصام بالإسلام الجامع

(4) التقوقع على الداخل          (4) الرؤية المستوعبة للخارج

(5)ضد الاستبداد فحسب        (5) و ضد الاستعمار

(6) رفض الآخر الثوري          (6) الاستيعاب و الأبوية    

(7)التعجل للثمرات               (7) الحكمة و الأناة        

(8) الغرور                        (8) التواضع     

(9) الرؤية المحدودة                (9) الرؤية الشاملة                        

(10) افتقاد القيادة القادرة        (10) توفيرها و الالتفاف من حولها

 

ب ) التحديات الخارجية  :

        التحدي                                التوجيه

          من الفاعل                   من القابل  

(1)             الامتطاء                الاستقواء                   العزّة 

(2)             الإملاء                 الاستخذاء                   الاستقلالية         

(3)             الإغراء                 الاستعطاء                   الحصانة 

(4)             الإغواء                الاستهداء                    الرشد

و يتبين من القائمة ما ينتظر العلماء من مهمات جسام و مسؤوليات عظام  ،ومدى حاجة الأمة إلى دورهم للنجاة من المآزق و الأمن من المزالق  و مدى الخطورة في أن يكون منهم من يُبتلى بتلك الأدواء ويرزح تحت نير تلك الدواهي الدهياء و عندئذ يصدق فيهم قول علي عليه السلام : ( و لكن بمن و إلى من ، أريد أن أداوي بكم و أنتم دائي ؛ كناقش الشوكة بالشوكة و هو يعلم أنّ ضلعها معها ) - نهج البلاغة خ 121 مركز الإشعاع الإسلامي-

  

5.2. استلهام النموذج مع الحفاظ على الخصوصية :

 ولا يمكن لمنصف إلا أن يعترف بدور الثورة الإسلامية في إيران رائداً و مؤثراً و ملهماً بنحو أو بآخر للصحوة وبوعي أو بدون وعي أو حتى بدافع المنافسة .

 و حسب هذه الثورة تميّزاً ينبغي أن يبعث على الاقتداء أنها حفلت بمشاركة شعبية استثنائية ومن مختلف الرؤى والأطياف وحظيت بقائد استثنائي  عالم فقيه مرجع فيلسوف يتقدّم الصفوف ؛  ثم أقامت دولة متطورة على أسس إسلامية و انتصرت على كل التحديات محافظة على استقلالها و عدم اتباعها لشرق و لا لغرب جمهورية للجماهير فيها حضورها السنوي دعماً و مشاركة من خلال المسيرات المليونية  وصناديق الاقتراع ، ولم تفلح كل مؤامرات المستكبرين و حروبهم الخفية و المعلنة عليها وحصارهم المستمر لها أن تغلّ اندفاعها المتسارع في التقدم العلمي والعسكري  ، و أن تحوّلها عن اتخاذ القضية الفلسطينية  وتحرير الأرض المباركة قضية محورية لها ، واصطفاء نهج المقاومة نهجاً وحيداً لتحقيق ذلك الهدف تدعمه بكل الوسائل والإمكانات في لبنان و فلسطين ، وعن السعي لكل ما يخدم وحدة الأمة الإسلامية و عزتها ومستقبلها المشرق.

و هكذا  _من قبيل المثال لا الحصر_ ينبغي بصدق و تجرّد و انفتاح للعلماء الكرام ليقوموا بدورهم على أكمل و أفضل ما يكون ؛ استلهام الدور الذي اضطلع به الإمام الخميني في الصراع مع الاستبداد و من وراءه ، و الدور الذي نهض بأعبائه العلماء من القادة الذين سبق ذكرهم في الصراع مع الاستعمار في بلدانهم  ، والدور الذي مارسه كل من السيد نصرالله في مواجهة الاحتلال الصهيوني في لبنان و الشيخ أحمد ياسين في فلسطين .

نعم لكل صحوة و لكل ثورة و لكل حركة  تنتمي إلى الإسلام و تمتح من ينبوعه الثّر المخصب،  أن تكون لها نكهتها و خصوصيتها المنطلقة من شروط الزمان و المكان و النسيج الاجتماعي القائم في بلدها ، و ما فكرة تصدير الثورة إلا دعوى  روّج لها من أرادوا مصادرة التوق إلى الصحوة الإسلامية في قلوب الجماهير المشبعة بحب إسلامها المتطلّعة إليه منقذاً لها و معيداً إليها حريتها و كرامتها ؛ و إذا كان أعداء الصحوة يتكاتفون في وجهها ولحرفها عن صراطها  و بدعوى حبّها و الحرص عليها فإنّ لساحات الصحوة الإسلامية في المقابل أن يتأثّر بعضها ببعض و أن تتبادل المشورة و النصح و الخبرة و الدعم و التأييد .

6.2.  التفصيل المطلوب مع النموذج السلبي :

وينبغي في المقابل أن يبرأ العلماء ظاهراً و باطناً من أن يقعوا في شراك الدور الذي يرسمه لهم المستكبرون و السلاطين ،  وهم ممن يعلم ما ينتظر العلماء الذين يبيعون دينهم بدنياهم و العلماء الذين يوردون الناس بعلمهم موارد الفتنة  الضلالة  والعلماء الذين يشقّون صفوف الأمة ويضربون المسلمين بعضهم ببعض خدمة لأغراض أعداء الإسلام و لاسيما الصهاينة المجرمين وداعميهم والمتواطئين معهم  والخاضعين لهم من الحاكمين .

النتيجة :  

·      سلباً : دور العلماء التوجيهي صمّام أمان  يُعوّل عليه في الخروج من التحديات.

·   إيجاباً : دور العلماء التوجيهي محرّك دافع لا غنى عنه في تطوير مسيرة الصحوة على امتداد آفاق الأمة .

المقترحات  :

1)    تقوية وتوسيع و دعم مكتب الأمانة العامة للمؤتمر.

2)     تشكيل هيئة استشارية من كبار العلماء والمفكرين الإسلاميين.

3)   إعداد خطة تنبثق عن المؤتمر لتفعيل دور العلماء التوجيهي للصحوة الإسلامية تشتمل على الرؤى والسياسات والأهداف والآليات والهيكلية والدعم المادي والمعنوي المطلوب وأسلوب توفيره.

4)    المبادرة إلى صياغة ميثاق إسلامي من قبل الهيئة الاستشارية يرسم الخطوط العريضة التي ينبغي الالتزام بها لتأمين الصحوة من الأخطار و تحقيق أهدافها المرجوّة لصالح الأمة و مختلف مكوناتها و تياراتها و لخير البشرية جمعاء ،   و إغناؤه بملاحظات كبار العقلاء من العلماء  و المفكرين الإسلاميين في العالم و طرحه على مختلف المؤسسات الإسلامية و التشكيلات الإسلامية في مؤتمر موسّع لترشيد الصحوة الإسلامية ليكون ناظماً لمسيرتها و اختياراتها و ضامناً لاستقلاليتها .

     والحمد لله رب العالمين

 

دمشق في   20جمادى الأولى 1434هـ ق***      1   نيسان2013 م


           

          ملحق :

نقاط مقترحة للميثاق الإسلامي

 

1.   نعم للإسلام القرآني المحمدي الوسطي المنفتح الإنساني .

2.   لا عدوان إلا على الظالمين المعتدين المغتصبين حتى ينتهوا .

3.  الأمة الإسلامية حيث للمسلمين الأكثرية حقيقة جامعة تُفعّل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار التكامل  مع الاهتمام بالمسلمين حيث هم أقلية في إطار التكافل .

4.   القوميات المكوّنة للأمة الإسلامية هي على قدم المساواة في الحقوق والواجبات .

5.  المسيحيون في الدول الإسلامية قيمة مضافة تحظى بكل الحقوق وآفاق المشاركة وألوان التكريم .

6.  التيارات الوطنية والقومية الرافضة لأعداء الأمة الإسلامية الحريصة على عزّة الأمة وكرامة الأوطان لها ما للتيارات الإسلامية وعليها ما عليها .

7.  تنوّع المذاهب في الأمة الإسلامية ولاسيّما المذاهب الثمانية عامل غنى يحظى بكل الاحترام والحرمة وكذلك الرموز الدينية والمذهبية .

8.  لا افتئات لأكثرية ولا تحكّم لأقلية بل هي مكوّنات للمجتمع تزيده خصباً،  ولا لكل فتنة بين الأوطان والقوميات والمذاهب .

9.  إقرار السيادة الشعبية في الأقطار الإسلامية و آلياتها تحت لواء الإسلام وقيمه الحضارية ولاسيما مبدأ تداول السلطة بالانتخاب الحرّ المباشر .

10.   المسلمون في البلاد غير الإسلامية عنصر قوة لأوطانهم و سعي لخيرها والدفاع عن حدودها وهم رفض لتجاوزها و بغيها على البلدان الأخرى ولاسيما البلدان الإسلامية .

11.  نعم للتنوع في الرؤى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلدان الإسلامية تحت مظلة الحفاظ على العزة و الاستقلال والاحتكام إلى الإرادة الشعبية .

12.  تحديد العدوّ وهو كل من يحقق مصالحه على حساب مصالح الأمة من الدول غير الإسلامية و يناصر أعداءها الغاصبين لأرضها وحقوقها والمعتدين على شطر من أبنائها .

13.  تحديد الصديق وهو كل من يقف إلى جانب الأمة ويناصرها في استرجاع حقوقها وصون كرامتها .

14.  تحديد القضية المركزية للأمة الإسلامية و هي قضية فلسطين و تحريرها من البحر إلى النهر ولا يجوز التنازل عن شبر من أرضها و تُقدّم على كل ّ القضايا إلى أن يُزاح عنها المغتصب الصهيوني و يعود أهلها إليها .

15.  نهج المقاومة الجهادية هو السبيل إلى استعادة فلسطين و ينبغي أن يحظى بدعم الأمة كلها مع الإفادة من تجربة المقاومة الإسلامية في لبنان و فلسطين و التغني ببطولاتها ونشر ثقافتها و استلهام بنائها للمجتمع المحتضن لها  وتعميم هذا النهج لاسترجاع كل أرض إسلامية محتلة .

16.  العدالة و إحقاق الحقوق  لكل أبناء المجتمع  من الأهداف الكبرى للرسالات و الرسل ينبغي صونها ومنع أي تجاوز لها مع التعويض والاعتذار لكل من ظُلم ومحاسبة ظالمه .

17.  الإصلاح ومحاربة الفساد على كل الصعد و استئصال جذوره وعقاب مرتكبيه من أسس بناء الدولة في الإسلام.

18.  لا اعتقال لصاحب رأي بسبب رأيه و لا اعتقال إلا بمذكّرة قضائية مع التحويل إلى المحكمة فوراً و إلغاء التعذيب  والاحتجاز  من قبل الأجهزة الأمنية  وتشديد عقوبة من يرتكبه.

19.  رعاية الحريات الإعلامية و الإبداع الفني تحت سقف القيم الدينية و الأخلاقية و تبني البحث العلمي والتقدم التقني .

20.  احترام التشريع الإسلامي في ثوابته و إعطاء الأولوية في البرامج الإسلامية لتفعيل دور المرأة و الشباب وحماية الطفولة .

21.  توثيق العلاقات مع المنظمات و المؤسسات و الحركات  و الشخصيات الرافضة لهيمنة الاستكبار والصهيونية والتنسيق معها .

22.  تبني مشروع إسلامي لمكافحة الفقر في العام كله بالتعاون مع كل الدول و المؤسسات الراغبة في تحقيق هذا الهدف .

23.  نعم للحوار بكل دوائره من حوار ديانات و ثقافات و مذاهب و كذلك لكل وسائل و طرائق التعارف الإنساني .      

قرأت لك

كتاب: الوحي والنبوة المؤلف: مرتضى مطهري (مفكر إسلامي)

متابعة القراءة